الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

بين الزائدة الدودية وسماعة الدكتور

لم يكن مفاجئا لدى ما سمعته من سخط المرأة العجوز وهي تقف بابنتها ذات الخمسة عشر ربيعا في طابور أمام العيادة العامة بالمستشفى ، فذلك يحدث كثيرا وفي كل مكان من بلاد الله الواسعة حتى في المستشفيات التي يتكلف فيها العلاج مبالغ باهظة . لكن ما شدني كثيرا وأثار استغرابي جملة قالتها المرأة العجوز وهي تركب في سيارة الإسعاف مع ابنتها بعد أن حولها الدكتور المناوب إلى مستشفى صحار لإجراء عملية جراحية لاستئصال الزائدة الدودية ، كانت المرأة تحاول جاهدة نقل رجلها الأخرى لسيارة الإسعاف بمساعدة الممرضة عندما قالت ببراءة طبيعية جدا «بسم الله عليها هذي البنت ما كملت سنة من شلو منها الدودة الزايدة وعاد رادتلها مرة ثانية ! عين ما صلت على النبي» كانت العبارة صاعقة رغم براءتها هكذا حسبتها في نفسي وهكذا عبرت عنها الممرضة بملامح وجهها ثم من خلال حوارها مع العجوز لتكتشف ان الفتاة قد أجرت العام الماضي عملية لاستئصال الزائدة الدودية رغم أن الطبيب قد حولها للمستشفى المرجعي في صحار لاجراء عملية للزائدة بعد أن قرر سريعا بعلم أخذه طويلا أن الفتاة مصابة بالتهاب حاد في الزائدة ولا بد من استئصالها فورا قبل الانفجار والتسمم . وعاد الطبيب الهمام وصرف للفتاة مرة أخرى دواء مخففا لمغص البطن .

المشهد بكل تجلياته حدث أمامي وأثار الكثير من الدهشة في نفسي رغم أن ذاكرتي تختزن الكثير من المشاهد المشابهة أو القريبة كان الاستسهال في تشخيص المرض فيها البطل «الكاريزمي» وراحت ضحية لها الكثير من الدودات التي لم تكن « زائدة» .
لا شك أن السلطنة تعمل جادة في بناء مستشفيات متكاملة وعلى أحدث الطرز يستطيع الرائي لها أن يصفها بالمدن الطبية نظرا لما تحتويه من تجهيزات تقنية عملاقة .
هل ثمة تناقض بين المشهدين !!!، ليس ثمة تناقض بل يبدو ـ والرأي ليس لي وحدي ـ أن هذه المدن الطبية تعاني من أزمة في الكادر الطبي ، وبين الكادر الطبي نفسه وبين التقنية الحديثة التي وصلت إليها علوم الطب على مستوى العالم .
وبين التناقض والأزمة استمر التشخيص للكثير من الأمراض تدخل منعطفات حادة تقود في النهاية إلى هاوية تخطف معها الرجل إلى أماكن أكثر وحشة وغربة .
أقول هذا الكلام وأن على يقين بالمؤتمرات الطبية التي كثرت في وزارة الصحة في الآونة الأخيرة والتي تسعى بكل تأكيد إلى ترميم الكثير من الفجوات التي بدأت تفضح العلاقة بين الكادر الطبي وبين ما توصل إليه الطب الحديث .
إلا أن المواطن المستفيد من الخدمات الصحية التي تقدمها له الدولة يطمح في آفاق اكبر وأرحب عندما تتعاقد الوزارة مع كوادر طبية فالخيارات بكل تأكيد تكون عديدة والطموح أن تتطور آليات الاختيار قياسا بالآليات التي أفرزت مثل الطبيب الذي شخص الزائدة الدودية أو الذي استخرجها قبل أوانها
والفكرة هذه تعضدها مئات الملايين التي ينفقها آلاف المعالجين في دول مثل شرق آسيا بعد أن قرر أصحابها إنقاذ أنفسهم بعيدا عن المشارط التي ما زالت تمحو أمية « سماعة الدكتور

».



هناك تعليق واحد:

Nazek يقول...

حقيقه واقعه ان تايلاند وغيرها من البلدان صارت محط مرضانا
بعد ان شعروا في لحظة من اللحظات بأن مستشفياتنا لا تلبي حاجاتهم للعلاج سواء من الناحيه التشخيصيه للعلاج ولا بدقة الادويه المعطاة ناهيك عن الناحيه النفسيه التي لم يسمعوا عنها في مستشفياتنا وكأنها ترف لا يحق لنا ان نتحدث عنه
واذكر انني في زيارة لي لأحد المستشفيات الخاصه بمسقط كانت الممر ضه اجنبيه تدللني حتى وانا خارجه ووبالرغم ان ما بي كان وعكة صحيه الا انها اوصلتني الى باب السياره وهي تودعني بكلمات جميله ترفع بها روحي المعنويه
ترف لا نحلم به في مستشفياتنا